يرصد تقرير تحليلي، بقلم هيئة تحرير ميدل إيست مونيتور، تصاعد القلق داخل الدوائر الأمنية والاستراتيجية الإسرائيلية إزاء اتساع الدور الإقليمي لمصر، مع تركيز خاص على التحركات التي تقودها القاهرة في محيطها العربي والأفريقي، وما تحمله من دلالات على طموحات استراتيجية أوسع قد تعيد رسم موازين القوى في المنطقة.

 

 يتابع  التقرير ما تنشره صحيفة إسرائيل اليوم حول مراقبة إسرائيلية دقيقة للتطورات الجارية، في ظل ما تصفه الصحيفة بـ«النشاط المصري المتنامي» على الساحتين العربية والأفريقية، خاصة مع تعزيز الوجود العسكري المصري في ليبيا والسودان، وتكثيف التنسيق الأمني مع دول مثل الجزائر والعراق.

 

توسّع الدور المصري خارج الوساطة التقليدية

 

يرى التقييم الأمني الإسرائيلي، بحسب التقرير، أن القاهرة لم تعد تكتفي بالدور التقليدي كوسيط محايد في النزاعات الإقليمية، بل تتجه نحو لعب دور قيادي أكثر حسمًا. ويعزو هذا التحول إلى سعي مصر لملء فراغات سياسية وأمنية خلّفتها قوى إقليمية أخرى خلال السنوات الأخيرة، مستفيدة من موقعها الجغرافي وثقلها العسكري والدبلوماسي.

 

ويعتبر التقرير أن هذه المقاربة الجديدة تمنح مصر قدرة متزايدة على التأثير في ملفات إقليمية معقّدة، ما يثير مخاوف إسرائيلية من تغيّر قواعد اللعبة، خاصة إذا قادت هذه التحركات إلى بناء توازنات لا تتوافق مع المصالح الإسرائيلية طويلة الأمد.

 

ليبيا والسودان: تقاطعات ومصالح متعارضة

 

يسلّط التقرير الضوء على ليبيا كنموذج بارز لتقاطع المصالح وتعارضها بين القاهرة وتل أبيب. تدعم مصر بشكل معلن القوى المتمركزة في شرق ليبيا، انطلاقًا من اعتبارات أمنية وحدودية، بينما تشير الصحيفة الإسرائيلية إلى أن إسرائيل تقدّم دعمًا غير مباشر لأطراف منافسة، دون إعلان رسمي عن هذا الدور.

 

ويؤكد التحليل أن هذا التباين يعقّد فرص التوصل إلى تسوية سياسية مستقرة في ليبيا، ويضيف طبقة جديدة من التعقيد إلى المشهد الإقليمي. كما يربط التقرير بين الحضور المصري المتزايد في السودان ورغبة القاهرة في تأمين عمقها الاستراتيجي جنوبًا، في وقت تشهد فيه البلاد حالة سيولة سياسية وأمنية.

 

شبكة تحالفات تقلّص هامش النفوذ الإسرائيلي

 

لا يحصر التقرير القلق الإسرائيلي في البعد العسكري فقط، بل يلفت إلى ما تعتبره تل أبيب التحدي الأكبر: قدرة مصر على بناء شبكة واسعة من التحالفات الإقليمية. يرى محللون إسرائيليون أن هذه الشبكة قد تحدّ من نفوذ إسرائيل في العالم العربي، خاصة إذا نجحت القاهرة في توظيف علاقاتها التاريخية والدبلوماسية لإعادة تشكيل أولويات إقليمية مشتركة.

 

ويزداد هذا القلق، وفق التقرير، في ظل الجمود الذي يخيّم على عملية السلام، وغياب فرص جديدة للتطبيع مع دول عربية لم توقّع اتفاقات مع إسرائيل حتى الآن. في هذا السياق، تبدو التحركات المصرية، من وجهة النظر الإسرائيلية، جزءًا من مشهد إقليمي يتجه نحو إعادة ترتيب مراكز القوة، حيث تسعى القاهرة إلى تثبيت موقعها كلاعب محوري لا يكتفي بإدارة الأزمات، بل يشارك في صياغة مساراتها ونتائجها.

https://www.middleeastmonitor.com/20251229-israel-hayom-cairos-regional-moves-raise-concern-in-tel-aviv/